بسم الله الرحمن الرحيم
جاء في سفر حبقوق قوله: { حبقوق إ 3} {ع 3 الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران. سلاه. جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت
من تسبيحه. }ـ
ـ{ التثنية إ 33} {ع 2 فقال: «جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار
شريعة لهم. }ـ
فمن هو القدوس القادم من جبل فاران؟
بداية يجب ان نعلم ما يلي:
أولا:أن لفظ
"اله" و"الله" و"الرب" في الكتاب
المقدس اطلق ليس فقط على الله وانما ايضا على رسل الله بغض النظر ان كانوا
ملائكة أو بشر وذلك لأنهم مرسلون من قبل الله.
على سبيل المثال اطلق على ملاك الرب في سفر القضاه:
ـ{ القضاة إ 13} {ع 2 وكان رجل من صرعة من عشيرة الدانيين اسمه منوح,
وامرأته عاقر لم تلد. }ـ
ـ{ القضاة إ 13} {ع 3 فتراءى ملاك الرب للمرأة وقال لها: «ها أنت عاقر لم تلدي, ولكنك تحبلين وتلدين ابنا }ـ
ـ{ القضاة إ 13} {ع 22 فقال منوح لامرأته: «نموت موتا لأننا قد رأينا الله!» }ـ
فهنا نرى أنه اطلق على ملاك الرب لفظ الله لأنه مرسل من قبل الله.
وأطلق على رسول الله موسى كما يذكر الكتاب المقدس:
ـ{ الخروج إ 7} {ع 1 فقال الرب لموسى: «انظر! انا جعلتك الها لفرعون. وهارون اخوك يكون نبيك. }ـ
واطلق لفظ "اله" على النبي صموئيل كذلك
ـ{ صموئيل الأول إ 28} {ع 13 فقال لها الملك: «لا تخافي. فماذا
رأيت؟» فقالت المرأة لشاول: «رأيت آلهة يصعدون من الأرض». }ـ
ـ{ صموئيل الأول إ 28} {ع 14 فقال لها: «ما هي صورته؟» فقالت: «رجل
شيخ صاعد وهو مغطى بجبة». فعلم شاول أنه صموئيل, فخر على وجهه إلى الأرض وسجد. }ـ
ثانيا :أن كلمة "تيمان"
نعني الجنوب:
تقول دائرة المعارف الكتابية عن معنى لفظ "تيمان" :وهو اسم عبري معناه الى اليمين أي الى الجنوب
وتقول عن معنى لفظ تيما أو تيماء :اسم عبري معناه الجنوبي وهو اسم أحد ابناء اسماعيل
وقد جاء هذا
اللفظ بمعنى"الجنوب" في انجيل متى:
ـ{ انجيل متى إ 12} {ع 42 ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه
لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان وهوذا أعظم من سليمان ههنا! }ـ
ترجمة العربية المشتركة: وملكة الجنوب ستقوم يوم الحساب مع هذا الجيل وتحكم عليه،
لأنها جاءت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان، وهنا الآن أعظم من سليمان.
الآن نعود الى سفر حبقوق مرة أخرى لنرى كيف
يقرا النص:
{
حبقوق إ 3} {ع 3 الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران. سلاه. جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت
من تسبيحه. }ـ
والمعنى حسب ما تقدم أن وحي الله (ملاك
الوحي) جاء بالوحي من الجنوب - وليس الله بذاته جاء- والقدوس من جبل فاران
وقد جاء هذا ألأسلوب في القرآن الكريم في قول
الحق سبحانه:وجاء
ربك والملك
صفا صفا (الفجر 22 ) والمعنى
جاء أمر ربك..
وقوله: والقدوس من جبل فاران
من المعلوم أن من سكن برية فاران هو اسماعيل عليه السلام:
من المعلوم أن من سكن برية فاران هو اسماعيل عليه السلام:
ـ{ التكوين إ 21} {ع 21 وسكن في برية فاران. واخذت له امه زوجة من ارض مصر. }ـ
بالتالي القدوس القادم من جبل فاران هو من نسل اسماعيل ابن ابراهيم الخليل
عليهما السلام.
أما قوله: تلألأ من جبل فاران بعد قوله" جاء"
وقوله "اشرق" دل على عموم رسالته
لجميع الخلق وليس خصوصيتها كما كانت الرسالات من قبله,لذلك قال عنه في اشعياء:
ـ{ اشعياء إ 42} {ع 4 لا يكل ولا ينكسر حتى
يضع الحق في الأرض وتنتظر الجزائر شريعته. }ـ
ـ{ اشعياء إ 42} {ع 11 لترفع
البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار.(فاران) لتترنم سكان سالع. من رؤوس الجبال ليهتفوا.
}ـ
ونجده هنا في اشعياء يذكر مرة أخرى المكان الذي يأتي منه ذلك النبي:
وهي الديار التي سكنها قيدار وقيدار بحسب الكتاب المقدس من ابناء اسماعيل عليه
السلام.
جاء في سفر التكوين:
ـ{ التكوين إ 25} {ع 13 وهذه اسماء بني اسماعيل باسمائهم حسب
مواليدهم: نبايوت بكر اسماعيل وقيدار وادبئيل ومبسام }ـ
والآن لنرى ما هو المقصود بقوله: وأتى من ربوات القدس وقوله : وعن يمينه نار شريعة لهم.
ـ{ التثنية إ 33} {ع 2 فقال: «جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتى
من ربوات القدس وعن
يمينه نار شريعة لهم. }ـ
نار شريعة: في الترجمات الانجليزية (fiery law)شريعة نارية والمعنى: وحي ظاهر واضح طاهر
وكلمة "ربوات القدس" التي وردت في النص تعني كما جاءت في ترجمات
اخرى: الوف الملائكة الاطهار كما جاء في ترجمة الحياة:
فقال: «أقبل الرب من سيناء، وأشرف عليهم من سعير، وتألق في جبل فاران؛ جاء محاطا بعشرات الألوف من الملائكة....
ألآن نقرا نبوءة التثنية مرة أخرى:
ـ{ التثنية إ 33} {ع 2 فقال:
«جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتى من ربوات القدس
وعن يمينه نار شريعة لهم. }ـ
فيصبح المعنى: حيث يتكلم عن مجيء ملاك الرب (ملاك الوحي)
من سيناء حيث نزلت الرسالة على موسى ومن ثم نزول الرسالة على عيسى وأخير نزول ملاك
الوحي محاطا بعشرات الألوف من الملائكة بالشريعة الطاهرة الواضحة الكاملة الأبدية
للناس كافة على محمد صلى الله عليه وسلم.
الآن لنرى من هو صاحب الشريعة النارية التي تلألأت من جبل فاران:
أولا: بيان خيرية من يأتي بعد يوحنا المعمدان والمسيح عيسى عليهما السلام
ـ{ انجيل متى إ 3} {ع 11 أنا أعمدكم بماء للتوبة ولكن الذي يأتي بعدي هو
أقوى مني الذي لست أهلا أن أحمل حذاءه. هو سيعمدكم بالروح القدس ونار. }ـ
ـ{ انجيل يوحنا إ 16} {ع 7 لكني أقول لكم الحق إنه خير
لكم أن أنطلق لأنه إن لم
أنطلق لا يأتيكم المعزي ولكن
إن ذهبت أرسله إليكم. }ـ
هنا نرى أن يوحنا المعمدان قال عن نبي يأتي بعده أنه خير منه وانه ليس اهلا
ان يحمل حذاءه وأن يسوع ايضا نسب الخيرية لمن يأتي بعده فقال: خير لكم أن انطلق
ثانيا:قول يوحنا عن القادم بعده والذي هو أفضل منه انه
يعمد بروح قدس ونار
ـ{ انجيل متى إ 3} {ع 11 أنا أعمدكم بماء للتوبة ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني الذي
لست أهلا أن أحمل حذاءه. هو سيعمدكم
بالروح القدس ونار. }ـ
نلاحظ قوله "هو" سيعمدكم هو وليس
شخص آخر غيره: فلو كان يوحنا المعمدان يتحدث عن يسوع لكان على يسوع أن يفعل ذلك
ولكنه لم يفعله بل فعله القادم بعده الذي اطلقت عليه الترجمات العربية لفظ"
المعزي"
بما أن المعزي هو الذي سيعمد بروح قدس ونار
بالتالي يوحنا المعمدان لم يكن يتكلم عن يسوع,بل عن القدوس القادم من جبل فاران
الذي تنزل عليه الشريعة النارية:
الآن ما معنى قول يوحنا عن القادم بعده انه يعمد بروح قدس ونار:
اقول معناها انه يعمدكم أي يطهركم وتغفر ذنوبكم
بقبول شريعته النارية الشريعة الواضحة البينه النقية التي بقبولها تتطهرون
من آثامكم كما تطهر النار كل ما تمسه
ما هي المعمودية؟ هي ألولادة الروحية الايمانية الجديدة اي
الطهارة بغفران الخطايا لمن يؤمن.
بيان ان روح قدس تطلق على الوحي ألالهي (بكل ما
يشتمله من شريعة ووصايا)
ـ{ انجيل متى إ 22} {ع
43 قال لهم: «فكيف يدعوه داود بالروح ربا
قائلا: }ـ
ـ{ انجيل مرقص إ 12}
{ع 36 لأن داود نفسه قال بالروح القدس: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى
أضع أعداءك موطئا لقدميك. }ـ
ـ{ انجيل لوقا إ 20}
{ع 42 وداود نفسه يقول في كتاب المزامير: قال الرب لربي: اجلس عن يميني }ـ
اذا وحسب ذكر ثلاثة اناجيل لمقوله واحدة علمنا
أن: الروح القدس والروح اطلقت على وحي الله لداود وهو "كتاب
المزامير"
وقد اطلق على "القرآن الكريم "الوحي الالهي لفظ روح لأن
فيه تحيى ألأرواح:
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا
الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ
نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (سورة
الشورى2)
وأطلق لفظ
"الروح" على ملاك الوحي "جبريل" عليه السلام, ايضا لأنه رسول
الوحي:
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (الشعراء 193)
واطلق ايضا روح القدس
على جبريل عليه السلام
قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ
الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (النحل102)
اذا قوله يعمدكم بروح قدس أي يطهركم وتغفر ذنوبكم وتعودوا كمن ولدته امه
اذا آمنتم بوحيه (شريعته) أي الكتاب الذي ينزل عليه: وقد ورد هذا المعنى في القرآن
الكريم
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى
مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن
رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ
سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ
بَالَهُمْ (سورة محمد 2 )
وقد جاء في سفر ملاخي في اطار الحديث عن رسول العهد الذي عهد لهم أن يؤمنوا
به متى جاء -سيد الانبياء - هذا المعنى: وهو أن مجيئه سيكون امتحان
لليهود فيميز المؤمن منهم من الكافر كما تمتحن النار المعادن:
ملاخي
3/1 هاأنذا أرسل رسولي فيهيئ الطريق إمامي ويأتي بغتة
إلى هيكله السيد الذي تطلبونه (تنتظرونه) رسول العهد (عهد التوحيد) الذي تسرّون به هوذا يأتي
قال رب الجنود
ملاخي إ 3 ع 2 ومن يحتمل
يوم مجيئه ومن يثبت عند ظهوره؟ لأنه مثل نار الممحص ومثل أشنان القصار.
ملاخي إ 3 ع
3 فيجلس ممحصا ومنقيا للفضة. فينقي بني لاوي ويصفيهم كالذهب والفضة ليكونوا مقربين للرب تقدمة بالبر..
ملاخي إ 3 ع 18 فتعودون وتميزون بين الصديق والشرير بين من يعبد الله ومن لا يعبده
أما بالنسبة لشريعته الكاملة نجد يسوع قال :
ـ{ إنجيل متى إ 5} {ع 18 فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول
السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى
يكون الكل. }
(حتى تكتمل الشريعة:بنزول شريعة الكمال التي تتلألأ من جبل فاران )
لذلك قال عن „المعزي“ القادم بعده انه :يعلمكم كل شيء (صاحب شريعة
الكمال)
ـ{ انجيل يوحنا إ 14} {ع 26 وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله
الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم. }ـ
وقال عنه انه يبقى الى ألأبد:
ـ{ انجيل يوحنا إ 14} {ع 16 وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد }
(فشريعته هي الخاتمة الباقية الى قيام الساعة وهو خاتم الانبياء فليس
بعده نبي) كما جاء عنه في سفر دانيال:
ـ{ دانيال إ 9} {ع 24 سبعون أسبوعا قضيت على شعبك وعلى مدينتك
المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم وليؤتى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا
والنبوة ولمسح قدوس القدوسين. }ـ
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق